على غرار ما حصل في 2005، يعبر مثيرو الشغب الشباب في فرنسا منذ مقتل الفتى نائل برصاص شرطي في نانتير، عن كراهية حيال الأمن وشعور آخذ بالتنامي بأنهم منبوذون من المجتمع الفرنسي.

وقال العالم أوليفيه غالان المتخصص في علم الاجتماع للأجيال والشباب على وجه الخصوص والباحث في المركز الوطني للبحوث العلمية في فرنسا، “هناك كراهية للشرطة منتشرة جدا بين الشباب في المدن تتحول إلى حقد عند وقوع حادث مأساوي، وهناك اقتصاد مواز في العديد من هذه الأحياء، وأنشطة منحرفة واتجار يشارك فيه عدد من هؤلاء الشباب، يتسبب بعمليات تفتيش أكثر تواترا وبتوتر مع الشرطة وبما نسمّيه أيضا بالتمييز الإحصائي الذي يجعل من كل شاب مشتبها به بنظر قوات إنفاذ القانون”.

وأضاف أن سياق الحي الذي تكون فيه الأنشطة المنحرفة جزءا من الحياة اليومية يعزّز تكوين نوع من الثقافة المنحرفة المقبولة على أنها عادية وتسمح للناس بالبقاء على قيد الحياة من خلال تحدي القانون.

وتابع قائلا: “نقطة مشتركة أخرى.. هناك شعور بالإقصاء الجماعي كان موجودا بالأساس في العام 2005، لكنه تعزز بلا شك، ففي الاستطلاع الذي أجريناه في العام 2021 لعينة كبيرة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما، لاحظنا أن الشباب من ذوي الأصول الأجنبية وخاصة المسلمين مقتنعون إلى حد كبير بأنهم يواجهون مجتمعا معاديا بناء على أصلهم أو دينهم، مجتمعا معاديا وجناحه المسلح هو الشرطة، كل هذا لا يعزز الاندماج الجيد ويخلق نوعا من الاستياء”.

وأردف قائلا “منذ العام 2005 تعزز ذلك من خلال زيادة اعتناق الإسلام في صفوف هؤلاء الشباب حيث أصبح هناك قطيعة كبيرة بين هؤلاء الشباب المنغلقين في مدنهم ضمن أحياء تزداد فقرا وعزلا، وباقي المجتمع”.

وصرح بأن شبكات التواصل الاجتماعي لم تسبب أعمال الشغب لكنها تساهم في نشرها وانتشارها وجعل عددا متناميا من الشباب قادرين على الانضمام إلى هذه الحركات.

وذكر عالم الاجتماع الفرنسي أنه وبالنسبة لصغر سن مثيري الشغب كان الوضع كذلك في العام 2005 حيث شارك العديد من القصّر في أعمال الشغب، مشيرا إلى أن ذلك يؤكد أن هناك فشلا في التربية ويتم توجيه أصابع الاتهام للعائلات إلى حد كبير والتي غالبا ما تكون عاجزة أمام مجموعات الشباب المتّحدين جدا.

وفي مقارنة بين أعمال الشغب في 2023 وفي العام 2005، صرح بأن العنف تفاقم، مضيفا “في استطلاعنا للعام 2021، اعتبر نصف الشبان المستطلعة آراؤهم تعرّض النواب للاحتجاج أمرا مقبولا ومفهوما، ووجد 40% منهم مواجهة الشرطة أمرا مقبولا ومفهوما، فيما أكد 16% أن التخريب في الفضاء العام مقبول ومفهوم، و14% أن تخريب المؤسسات العامة كذلك مقبول ومفهوم.

وأوضح أن هناك درجة عالية لقبول العنف، مبينا أن حركة السترات الصفراء جعلت السكان يتقبلون بسهولة أكبر هذه التصرفات العنيفة، على اعتبار أن استخدام العنف لإيصال صوتهم مفيد.

جدير بالذكر أن عالم الاجتماع الفرنسي أوليفيه غالان شارك في إعداد دراسة في “أولني سو بوا” قرب باريس بعد أعمال الشغب التي جرت في العام 2005، كما شارك في استطلاع لمعهد “مونتيني” للدراسات الليبرالية استهدف شبابا تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما.