قال الباحث بالمعهد الوطني للتراث نزار بن سليمان ان تقدم اشغال حفرية الإنقاذ التي يتولى فريق من المعهد القيام بها بموقع كنيسة رادس، افضت الى الكشف عن وجود صهاريج تعود إلى الحقبة القرطاجية البونية الى جانب الصهاريج والارضيات التي تم الكشف عنها منذ البداية والتي ترجع الى الفترة الرومانية.

واكد بن سليمان اليوم الاثنين في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء الأهمية التاريخية والقيمة الأثرية لهذه الاكتشافات باعتبار ان جزء منها يعود إلى الفترة القرطاجية الضارية في التاريخ، واخرى ترجع الى الفترة الرومانية،التي تميز تاريخ المدينة، مذكرا بانه لم يقع الكشف منذ قرن من الزمن عن اثار قرطاجية برادس سوى نصب جنائزية تم العثور عليها في إطار ملكية خاصة تعود لاحد المعمرين.

واوضح الباحث في التراث ان الحفريات ستتواصل مبدئيا الى غاية 17 فيفري القادم، وان المعهد سيتولى اثر ذلك القيام بأعمال التوثيق الهندسي لكل الاثار التي تم الكشف عنها، ليلتئم اثر ذلك اجتماع لجنة على مستوى المعهد للبت في شان هذه الآثار التي يتعين المحافظة عليها وتثمينها في كافة الحالات.

ولفت الى انه سيتم التنسيق مع القائمين على مشروع تحويل كنيسة رادس الى مركب ثقافي لإدخال التغييرات اللازمة على المشروع بغية الحفاظ على الآثار، أو تغيير صبغة المشروع كليا وتحويل الكنيسة الى متحف وحماية الموقع الأثري وجعله قابل للزيارة مما يضفي حركية اقتصادية على المكان.

وقد شهدت اشغال حفر الاسس لتحويل كنيسة رادس الى مركب ثقافي يوم 19 ديسمبر الجاري الكشف عفويا عن بقايا أثرية لعدة صهاريج رومانية رجح انذاك أنها كانت جزء من معالم المدينة الرومانية القديمة “ماكسولا” وفق معطيات رسمية نشرها المعهد الوطني للتراث.

وقد تم على اثر ذلك ايقاف الأشغال لفسح المجال لفريق المعهد تحت الإشراف العلمي للباحث نزار بن سليمان و محافظي التراث المستشارين لسعد زمزمي و أمينة الفرجاني للقيام بحفرية إنقاذ.

وكانت اشغال اعادة تهيئة كنيسة “ماكسولا رادس”، لتحويلها الى مركب ثقافي متعدد الاختصاصات قد انطلقت في 6 سبتمبر 2022، لتجسيد حلم رواد متساكني المدينة منذ سنوات في المحافظة على معمار يعود تاريخ تشييده الى سنة 1911، ويعكس التعايش بين الديانتين الإسلامية والمسيحية خلال الحقبة الاستعمارية لسنوات عديدة.

وقد افادت المهندسة المشرفة على الاشغال فاطمة الحناشي في تصريح سابق لمراسلة (وات) بالجهة انه سيتم الحفاظ على الخصائص الفنية والهندسية للمبنى ، الذي يقع في قلب المدينة ويمتد على مساحة 2170 متر مربع، لتتواصل اشغال ترميمه سنة كاملة باعتمادات تفوق 5 مليون دينار.

ومن جانبه اكد الكاتب العام لبلدية رادس فتحي الماجري في تصريح مماثل الحرص على انجاز هذا المشروع الجهوي المتمثل بالخصوص في دار ثقافة، ومكتبة عمومية، مشيرا الى ان دور البلدية سيقتصر على متابعة ومراقبة مدى الالتزام بالحفاظ على الخصائص المعمارية للمبنى وضبط البرنامج الوظيفي لهذا الفصاء الثقافي الجديد.

يشار الى انه قد تم تسليم الكنيسة المسيحية برادس رسميا الى الدولة التونسية سنة 1964 وذلك بعد مغادرة الفرنسيين للمدينة.

يذكر ان الاسم القديم لرادس هو “ماكسولا بر راتس” Maxula pratès” وهو اسم متكون من اسم المدينة القديم وهو ماكسولا، والعبارة اللاتينية “بر راتس” اي العبور بالمراكب في اتجاه هذه المدينة، حيث كان الرومان مثل الفينيقيين من قبلهم يركبون البحر من قرطاج إليها.

ولرادس تاريخ قديم يرجع الى الاف السنين قبل مولد قرطاج سنة 846 قبل الميلاد على يدي عليسة الملكة الفينيقية، وقد تعاقبت عليها مختلف الحضارات مثلما جاء في كتاب رادس عبر العصور للباحث الدكتور أحمد الطويلي (ص 16) الذي كتب ان تاريخ رادس مرتبط ايما ارتباط بتاريخ قرطاج والاطوار التي مرت بها من ازدهار وافول حيث أن “رادس كانت بوابة قرطاج نحو داخل البلاد واليها. بل كانت حيا من احيائها وضاحية من ضواحيها القريبة