ماذا طلب حافظ الزواري عندما دعاه الرئيس السابق بن علي، دون سابق معرفة بينهما، إلى الإعراب عن أي خدمة يرغب في الحصول عليها؟ وكيف تصدى حافظ الزواري لمطامع صخر الماطري وغيره للاستحواذ على بعض مؤسساته، ولماذا إنسحب من رئاسة جمعية الكرامة التي تولى رئاستها بالنيابة بعد وفاة عزيز ميلاد وأنشأ المحبة الخيرية وكيف أعرض عن طلب حركة النهضة الملحّ للترشح باسمها في الانتخابات التشريعية رئيسا لقائمتها في سوسة، وماهي ملابسات التحاقه بآفاق تونس وكواليس خلافه مع رئيس الحزب ياسين إبراهيم، وخفايا تأسيس تحيا تونس ليرأسه يوسف الشاهد، وكيف غادر سفينة “تحيا ” قبل أن تبحر، ليترشح باسم حزب البديل التونسي. بعد انتخابه عضوا في مجلس النواب، كيف كانت علاقة حافظ الزواري بمختلف الأحزاب والكتل ورؤساء الحكومات وماهو تقييمه لراشد الغنوشي ويوسف الشاهد والياس الفخفاخ وهشام المشيشي وعديد الوزراء؟ ويتوقف حافظ الزواري عند خبايا اسقاط حكومة الحبيب الجملي. كل هذه الأسئلة يجيب عنها حافظ الزواري، رجل الأعمال والنائب السابق في البرلمان ضمن مذكراته التي ينشرها تحت عنوان “ستون، مازال الحلم ممكنا”، بالتعاون مع الصحفي محمد بوغلاب، عن دار ليدرز، تزامنا مع بلوغه الستين من عمره. وتولّى تقديم الكتاب الأستاذ محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب الأسبق (2014 -2019) ورئيس الجمهورية بالنيابة (2019). تحتل هذه المرحلة السياسية من مسيرة المؤلف جزءا هاما من كتابه، ويكشف خلالها عن خفايا تنشر لأول مرة. تسلط الأضواء عل كواليس الحكم وأروقة قصر باردو مقر البرلمان ومناورات الأحزاب، وهي ممارسات يختزلها حافظ الزواري بقوله “وجدت كلّ شيء في السياسة، إلاّ الأخلاق”. ولكن الكتاب ينطلق من نشأة المؤلف في القلعة الكبرى (سوسة) وتشبعه بالقيم التي ورثها عن جده وغرسها في نفسه والده ومعلموه، والرجال الذين تعامل معهم منذ قرر على الرغم من صغر سنه الانقطاع عن مقاعد التعلم المدرسي، ولكنه تشبث بمدرسة الحياة لينهل منها، إذ انصرف منذ مغادرته للتعليم الثانوي إلى خوض غمار عالم التجارة والأعمال. لم يكن حافظ الزواري يتوفر آنذاك إلا على بضعة دنانير، عندما التحق بخالته في عنّابة محمّلا ببعض المنتوجات لبيعها في الجزائر واقتناء ما يمكن بيعه في تونس وهكذا بدأت المغامرة التي قادته إلى إنشاء مجموعة اقتصادية رائدة، تشتغل أكثر من ألف شخص من بينهم ما لا يقل عن 350 مهندسا وإطارا عاليا وتوفقت في تركيب أكثر من 7700 سيارة وشاحنة خفيفة، فضلا عن عدد من الحافلات العصرية الفخمة إلى جانب توزيع معدات البناء والأشغال العامة وصناعة الكوابل، وإنشاء جامعة خاصة. قصة نجاح اقتصادي وخيبة أمل سياسية يرويها حافظ الزواري بصدق وتواضع وصراحة في كتابه الشيّق الذي جاء في أسلوب سلس رائع، محلّى بعديد الصور. كتاب يُطالع وكأنّه شريط مصوّر، تقترن فيه مسيرة أحد أبناء تونس في جهده المستميت من أجل بعث المؤسسات وخلق مواطن الشغل ونيل ثقة كبرى العلامات الدولية ورضاء الحرفاء من جهة، والتزامه بخدمة أبناء شعبه والمساهمة في تحسين ظروف عيشهم من جهة أخرى